فَرَاغِهِ، (وَلَوْ) كَانَ (نَوَى أَرْبَعًا صَلَّى ثِنْتَيْنِ) .
لِيَسْتَمِعَ الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّهُ أَهَمُّ.
(وَكُرِهَ لِغَيْرِ إمَامٍ تَخَطِّي الرِّقَابِ) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِرَجُلٍ رَآهُ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَأَمَّا الْإِمَامُ، فَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ.
وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ الْمُؤَذِّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ (إلَّا إنْ رَأَى فُرْجَةً لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِهِ) ، أَيْ: بِتَخَطِّي الرِّقَابِ، فَيُبَاحُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا لِإِسْقَاطِهِمْ حَقَّهُمْ بِتَأَخُّرِهِمْ عَنْهَا. (وَ) كُرِهَ أَيْضًا (إيثَارُهُ) غَيْرَهُ (بِمَكَانٍ أَفْضَلَ) وَيَجْلِسُ فِيمَا دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ رَغْبَةٌ عَنْ الْخَيْرِ.
وَ (لَا) يُكْرَهُ لِلْمُؤْثَرِ (قَبُولُهُ) وَلَا رَدُّهُ.
قَالَ مُسْنَدِي: رَأَيْتُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ، وَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ إلَى مَوْضِعِكَ، فَرَجَعَ إلَيْهِ. (وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ) ، أَيْ: الْمُؤْثَرِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (سَبْقُهُ إلَيْهِ) ، أَيْ: الْمَكَانِ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ، أَشْبَهَ مَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا فَآثَرَ بِهِ غَيْرَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَسَّعَ لِشَخْصٍ فِي طَرِيقٍ، فَمَرَّ غَيْرُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ لِلْمُرُورِ فِيهَا، وَالْمَسْجِدُ لِلْإِقَامَةِ فِيهِ. (وَالْعَائِدُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ لِعَارِضٍ) لَحِقَهُ كَتَطَهُّرٍ (أَحَقُّ بِمَكَانِهِ) الَّذِي كَانَ سَبَقَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ.
فَلَوْ جَلَسَ فِيهِ أَحَدٌ، فَلَهُ إقَامَتُهُ، مَا لَمْ يَكُنْ الْقَائِمُ لِعَارِضٍ صَبِيًّا، فَيُؤَخَّرُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْعَائِدُ إلَى مَكَانِهِ قَرِيبًا بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْهُ لِعَارِضٍ إلَّا بِالتَّخَطِّي، جَازَ، كَمَنْ رَأَى فُرْجَةً لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِهِ. (وَكَذَا جَالِسٌ لِإِفْتَاءٍ أَوْ إقْرَاءٍ) قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ لِعَارِضٍ لَحِقَهُ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ قَرِيبًا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute