للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) إنْ تَجَلَّى الْكُسُوفُ (قَبْلَهَا) ، أَيْ: الصَّلَاةِ، (لَمْ يُصَلِّ) ، لِحَدِيثِ: «إذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» فَجَعَلَهُ غَايَةً لِلصَّلَاةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا زَوَالُ الْعَارِضِ، وَإِعَادَةُ النِّعْمَةِ بِالنُّورِ، وَقَدْ حَصَلَ.

وَإِنْ خَفَّ قَبْلَهَا، شَرَعَ وَأَوْجَزَ. (وَإِنْ شَكَّ فِي التَّجَلِّي) لِنَحْوِ غَيْمٍ، (فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ) ، أَيْ: الْكُسُوفِ، فَيُتِمُّهَا مِنْ غَيْرِ تَخْفِيفٍ. (أَوْ ذَهَبَ) الْكُسُوفُ (عَنْ بَعْضِهِ) ، أَيْ: الْقَمَرِ، وَكَذَا الشَّمْسُ، (فَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَهَابِ الْبَاقِي) مِنْ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ، (كَ) مَا لَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ كُسُوفٍ مَا غَطَّاهُ السَّحَابُ، ثُمَّ ذَهَبَ عَنْ بَعْضِهِ فَرُئِيَ صَافِيًا، فَلَا يُصَلِّي لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ (عَدَمُ وُجُودِهِ) فَيُعْمَلُ بِهِ.

(وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ) فِي كُسُوفٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا يُخْبِرُونَ بِهِ، (وَلَا يَجُوزُ عَمَلٌ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّجْمِ بِالْغَيْبِ، فَلَا يَجُوزُ تَصْدِيقُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِهِمْ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ.

" رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ أَنْ يُسَافِرَ لِقِتَالِ الْخَوَارِجِ، اعْتَرَضَهُ مُنَجِّمٌ وَقْتَ الرُّكُوبِ، وَقَالَ: لَا تَسِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، فَإِنَّ الْقَمَرَ فِي الْعَقْرَبِ، فَقَالَ لَهُ: إنْ كَانَ الَّذِي فِي الْعَقْرَبِ قَمَرُ الْقَوْمِ، فَأَيْنَ قَمَرُنَا؟ وَإِنْ كَانَ قَمَرُنَا، فَأَيْنَ قَمَرُهُمْ؟ ثُمَّ قَالَ: مَا كَانَ لِمُحَمَّدٍ مُنَجِّمٌ، وَلَا لَنَا مِنْ بَعْدِهِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ لِلْمُنَجِّمِ: نُخَالِفُكَ وَنَسِيرُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ الَّتِي نَهَيْتَنَا عَنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَقَالَ: إيَّاكُمْ وَتَعَلُّمَ النُّجُومِ، إلَّا مَا تَهْتَدُونَ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، إنَّمَا الْمُنَجِّمُ كَالْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ فِي النَّارِ. ثُمَّ سَافَرَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَلَقِيَ الْقَوْمَ وَقَتَلَهُمْ، وَهِيَ وَقْعَةُ النَّهْرَوَانُ الثَّانِيَةُ " وَمُرَادُهُ بِالْمُنَجِّمِ: الَّذِي كَالْكَافِرِ: إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ النُّجُومَ فَعَّالَةٌ بِنَفْسِهَا، لِقَوْلِهِمْ: إضَافَةُ الْمَطَرِ إلَى النَّوْءِ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ إجْمَاعًا، وَأَمَّا مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>