إنَّ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شَكْوَى لِلنَّاسِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤] مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ شَكَا إلَى اللَّهِ لَا مِنْهُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الدُّعَاءَ، بِمَعْنَى: يَا رَبِّ ارْحَمْ أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ، وَمِنْ الشَّكْوَى إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُ أَيُّوبَ: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣] وَقَوْلُ يَعْقُوبَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَكَا إلَى النَّاسِ، وَهُوَ فِي شَكْوَاهُ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَزَعًا، «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجِبْرِيلَ: أَجِدُنِي مَغْمُومًا، أَجِدُنِي مَكْرُوبًا وَقَوْلِهِ: بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ» .
(وَيَنْبَغِي) لِلْمَرِيضِ (أَنْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي " زَادَ أَحْمَدُ: «إنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا، فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ بِي شَرًّا، فَلَهُ» وَعَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» . (وَيُغَلِّبُ) مَرِيضٌ (الرَّجَاءَ) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٥٦] (وَقِيلَ: يَجِبُ) تَغْلِيبُ الرَّجَاءِ طَمَعًا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَنَصَّ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (يَكُونُ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ وَاحِدًا، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَهُ، هَلَكَ قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (هَذَا الْعَدْلُ) ؛ لِأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الْخَوْفِ، أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، إمَّا فِي نَفْسِهِ، وَإِمَّا فِي أُمُورِ النَّاسِ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الرَّجَاءِ بِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute