للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالدَّوَاءُ لَا يَنْجَحُ بِذَاتِهِ، وَلَيْسَ فِعْلُهُ مُنَافِيًا لِلتَّوَكُّلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ. (وَتَرَكَهُ) ، أَيْ: التَّدَاوِي (فِي حَقِّ نَفْسِهِ) لَا رَقِيقِهِ، فَيُسَنُّ، (أَفْضَلُ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ، وَلِخَبَرِ الصِّدِّيقِ، وَحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَتَدَاوَوْا بِالْحَرَامِ» الْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِرْشَادِ. (وَيَحْرُمُ) تَدَاوٍ (بِمُحَرَّمٍ أَكْلًا وَشُرْبًا وَسَمَاعًا) لِصَوْتِ مَلْهَاةٍ وَغِنَاءٍ مُحَرَّمٍ، لِعُمُومِ «وَلَا تَتَدَاوَوْا بِالْحَرَامِ» .

وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَالرَّبِيعِ، وَأَبِي حَارِثَةَ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ كَتَبَ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُدَلِّكُ بِالْخَمْرِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ظَاهِرَ الْخَمْرِ وَبَاطِنَهَا، وَقَدْ حَرَّمَ مَسَّ الْخَمْرِ، كَمَا حَرَّمَ شُرْبَهَا، فَلَا تُمِسُّوهَا أَجْسَادَكُمْ فَإِنَّهَا نَجَسٌ ".

تَتِمَّةٌ: لَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِشُرْبِ دَوَاءٍ بِخَمْرٍ، وَقَالَ: أُمَّكَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَشْرَبْهُ، حَرُمَ شُرْبُهُ.

نَقَلَهُ هَارُونُ الْحَمَّالُ، لِحَدِيثِ «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» . (وَ) يَحْرُمُ تَدَاوٍ (بِسُمٍّ) لِإِفْضَائِهِ إلَى الْهَلَاكِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] .

(وَ) تَحْرُمُ (تَمِيمَةٌ، وَهِيَ: خَرَزَةٌ أَوْ خَيْطٌ وَنَحْوُهُ) ، كَعُوذَةٍ (يَتَعَلَّقُهَا) ، فَنَهَى الشَّارِعُ عَنْهُ، وَدَعَا عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَالَ «لَا يَزِيدُكَ إلَّا وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْكَ، لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ، مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا» رَوَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ.

وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ حَمْلُ الْأَخْبَارِ عَلَى حَالَيْنِ: فَنَهْيٌ، إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا النَّافِعَةُ لَهُ، وَالدَّافِعَةُ عَنْهُ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّافِعَ هُوَ اللَّهُ.

وَالْمَوْضِعُ الَّذِي أَجَازَهُ: إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ النَّافِعُ الدَّافِعُ، وَلَعَلَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَمَا تَعْتَقِدُ أَنَّ الدَّهْرَ يُغَيِّرُهُمْ، فَكَانُوا يَسُبُّونَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>