للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما المسيحية تقول عن نفسها إنها لم تبدع ديانه جديدة إنما هي بناء روحي يقوم على قواعد ترقى بنا بعيداً في الزمن، من آدم وحواء إلى هابيل وشيت .. إلى نوح، فسام، فابراهيم، ومن ابراهيم إلى موسى وداود وسليمان، ومن سليمان الحكيم إلى يوحنا- يحيى والمسيح. انها إذا، واسفارها التي هي كتب العهد الجديد، ليست سوى إتمام للبناء التوحيدي، الابراهيمي- الموسوي، الذي تجلى ووصل إلى قمته بولادة المسيح وبشارته. انها الاكمال لتلك العمارة التي بدأت بآدم وحواء .. وهي مستمرة إلى اليوم. وكما تلتقي المسيحية "الموسوية- اليهودية" في كثير من المحاور وفي عديد من النقاط الهامة، وكما تفترق المسيحية عن الموسوية في بعض المجالات وفي عدد من المحاور، كذلك يلتقي الإسلام المسيحية في كثير من محاور الايجاب وفي عديد من النقاط المشتركة المركزية، ويعود ليفترق عنها في بعض المجالات وعند عدد من المحاور (١).

ان هذا الارث الزاخر لموقف الإسلام من المسيحيين ومن الديانه المسيحية يمكن ان يكون افضل منطلق للحوار بين الإسلام والمسيحية. فالإسلام كدين سماوى خاتم جاء معترفاً بالمسيحية وبرسالة السيد المسيح عليه السلام، حيث ان ما ورد في القرآن والسنة عن السيد المسيح عليه السلام وامه مريم العذراء، سيكون له أثر كبير في التسريع في الحوار وجعل كثير من المسيحيين يتفهمون الإسلام ورسالته الخالدة بما سيكون له دور مهم في التقريب بين الديانتين السماوييتين بما يخدم قضية الانسان على الارض ويساهم في مواجهة المسيحية الصهيونية، ومحاولاتها لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.

وبالرغم من انعقاد عدة مؤتمرات للحوار الإسلامي - المسيحي شارك فيها وشجعها الفاتيكان ودول ومؤسسات إسلامية متعددة، الا انها لم تتصد لكثير من القضايا الأساسية، ولم تشكل فرق عمل لوضع منهجية مشتركة تنطلق من ثوابت إيمانية ومن قناعات مشتركة لمواجهة الاخطار التي تواجه الجميع وبالذات خطر المسيحية الصهيونية. فالمواجهة يجب ان تشمل اقامة حوار بناء وهادف مع كافة


(١) محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام - غسان سليم سالم- ص١٨٨ - دار الطليعة -بيروت - ط١ ٢٠٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>