للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا يعترف القمص ابراهيم لوقا بهذه الحقيقة فيقول: ان نبي الإسلام قد حفظ للديانة المسيحية مركزها، وأيد جلالها، واثبت صحة الكثير من تعاليمها .. واحترم كتبها المنزلة (١).

ولكي نفهم كيف استطاع المسيحيون ان يعيشوا في اطار الحضارة الإسلامية العربية ويشعروا انهم من لحامها وسداها وانهم ليسوا غرباء عنها بل من العناصر الفاعلة في تشييد الحضارة العربية ومساعدة اخوانهم المسلمين لصيانة عقائدهم في مختلف ميادين العلوم ومقتضيات الحضارة، يجب ان نشير إلى ان ذلك يعود إلى الاسس المشتركة بين الديانتين المسيحية والإسلامية ومواطن الالتقاء في ميادين الحياة (٢). مثل الايمان باله واحد خالق السموات والارض الحي القيوم الغفور الرحيم بعبادة والمحب لهم والذي يحيي ويميت، وكذلك الايمان بالرسل والانبياء وبفضل الله ونعمه علينا ولذلك يكرس المؤمن كل اعماله لطاعه الله وعبادته وحمده وشكره على نعمه الكثيره التى سخرها له والتى يجب ان يستعملها بحكمة اذ انه سيحاسب على كيفية تصرفه.

ان نقاط الالتقاء ومحاوره عديدة بين المسيحية والإسلام، وبالتالي بين المؤمنين المسيحيين والمؤمنين المسلمين. وسب ذلك اللقاء يكمن في كون الدينين ينبعان من مصدر واحد في الاساس هو مصدر التوحيد السامي - الابراهيمي- فالمسيحية فخورة بكونها تسير على المنوال الذي نسجه ابراهيم، والإسلام كذلك، يعلن، بكل صراحة، انه لم يأت بعقيدة جديدة، بل ان جل ما قام به هو تصحيح ما شاب الايمان الابراهيمي التوحيدي من انحرافات وغموض وشوائب. فالإسلام هو في نظر علماء الدين المسلمين - الحركة التصحيحية اللازمة والتي كانت منتظرة، لتنقذ الدين الحنيف، دين ابراهيم الخليل، من كل انحراف أصابه، خلال حقبات الزمن، وتطهره من كل وهن اصابه أو شرك أو خطأ ادخله الناس، زوراً وجهلاً، على عقيدة الإسلام الاصيلة، وايمان التوحيد الخالص.


(١) المسيحية في الإسلام - القمص ابراهيم لوقا - ص٥
(٢) المسيحية والحضارة العربية - الاب الدكتور جورج شحاته قنواتي - ص ١٧ - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - ط٢ ١٩٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>