للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أهل مصر إني نصحت لكم تهودوا فقد تهود الملك (١).

هكذا تمتّع اليهود والمسيحيون الذين عاشوا في العالم الإسلامي بتسامح شرعي بوصفهم "أهل الذمة"، حيث لم تتكون في الإسلام قوانين خاصة لليهود كتلك التي تَكَوّنَتْ في العالم المسيحي، حيث كان يهود القرون الوسطى يعتبرون أقناناً للمجلس الملكي وفي بعض الأحيان مارست الكنيسة سلطتها المطلقة على اليهود متذرعة بمبدأ كنسي قديم يتعلق بعبودية اليهود الأبدية. إن التشريعات الإسلامية التي تتعلق بحياة اليهود تجسدت في ميثاق عمر الذي أُدْخِلَ في الشريعة الإسلامية. وقد حُوفِظَ على التنظيمات أو التشريعات كما هي بدون تغيير على مرور الزمن ونادراً ما تم خرقها. ولأسباب مهمة أخرى أيضاً لم يُصَب التجار اليهود المتجولين في الفلك الإسلامي بوصمة الآخرية (أي كونهم آخرين) التي عانى منها اليهود في أوربا. لأنهم كانوا من سكان الشرق الأدنى الأصليين وليسوا مهاجرين كما في الغرب اللاتيني، وغالباً لا يمكن تمييزهم جسمانياً من جيرانهم العرب المسلمين (٢).

يقول الكاتب اليهودي الماركسي إبراهام ليون في كتابه "المفهوم المادي للمسألة اليهودية " والذي علق عليه الكاتب اليهودي مكسيم ردنسون: "عامل الإسلام اليهودية بتسامح يفوق التسامح الذي لاقاه هذا الدين ـ من جانب المسيحية ـ كتيار ايديولوجي اعترف بحقه بالبقاء بالرغم من الهزيمة التي لحقت به". ويقول ايضاً في: وفي ظل الامبراطورية الإسلامية والدويلات التي قامت على اشلائها، والتي احتفظت فيما بينها بصلات وثيقة، ازدهرت التجارة بين مناطق متباعدة، وتقدم الانتاج الزراعي الخاص بكل اقليم من الاقاليم، وراجت الصناعات اليدوية، وشارك اليهود كسائر عناصر السكان في هذا التقدم، ومارس عدد كبير منهم التجارة كما يقول ـ جواتين ـ: " لقد ادت هذه الثورة ـ البرجوازية ـ إلى الاسراع في تحويل اليهود من شعب يمارس بالدرجة الأولى المهن اليدوية إلى جماعة تهتم بصورة


(١) برامج الشريعة والحياة - تقديم خذيجه بنت قنه - تاريخ النشر: الأربعاء ١٧ يناير ٢٠٠٧ قناة الجزيرة
(٢) تعايش الأديان في الماضي: بقلم مارك كوهين، ترجمة كامل الزيادي-. نشر المقال باللغة الألمانية في صحيفة فرانكفورتر ألكمانية تسايتونغ بتاريخ ٢٥.١٠.٢٠٠٣ - - موقع قنطره http://www.qantara.de/webcom/show_softlink.php?wc_c=٣٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>