للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليخرجوا في النهاية بنتيجة مؤداها ضآلة الفترة والمساحة التي حكم فيها اليهود عبر التاريخ مقارنة بالعرب والمسلمين، ورغم أن هذا الجانب مفيد في رد ادعاءات اليهود من النواحي التاريخية والعقلية المنطقية، إلا أن كثيراً من هؤلاء الكتاب والمؤرخين يقعون في خطأين كبيرين حسبما يظهر لنا:

- الأول: اعتبار تراث الأنبياء الذين أرسلوا إلى بني إسرائيل أو قادوهم تراثاً خاصاً باليهود فقط، وهذا ما يريده اليهود!!

- الثاني: الإساءة إلى سيرة عدد من أنبياء بني إسرائيل باستخدام الاستدلالات المستندة إلى توراة اليهود المحرفة نفسها، وهم عندما يستخدمونها فإنما يقصدون الإشارة إلى "السلوك المشين" لبني إسرائيل وقادتهم عندما حلوا في فلسطين، ليضعفوا من قيمة دولتهم ويبينوا انحطاط مستواهم الحضاري، ويدخل أصحاب هذا المنهج في الاستدلال بما ذكرته الإسرائيليات من اتهام للأنبياء بالغش والكذب والزنى واغتصاب الحقوق وقتل الأبرياء، في محاولات لإثبات قسوة ومكر ولؤم اليهود وتشويه صورة حكمهم ودولتهم في ذلك الزمان.

يضاف إلى ذلك امر مهم جداً وهو ان بعض الذين تصدوا للبحث في تاريخ بني اسرائيل قد اتوا على كل شئ في تاريخ اليهود نفياً والغاء، .. حيث تعرضت التوراة لنقد قاس من قبل عديد من الباحثين، وقد تراوح هذا النقد من ابداء ملاحظات مهمة حول مصداقية وقائع جاءت في التوراة أو القيمة الحقيقية لبعض الاسفار، إلى النفي الكامل لقدسية التوراة وصدق الديانه اليهودية. وتأتي خطورة الرؤية الاخيرة من انها لا تصطدم مع العقيدة اليهودية وحدها .. اذ ان النفي المطلق لليهودية انما يصطدم تماماً بالمسيحية والإسلام على السواء .. وعلى ذلك فإن نفي التوراة انما يعني ضمناً نفي الانجيل والقرآن معا (١).

وهنا يجب ان ننبه إلى ان القرآن الكريم كفانا مؤونة التعرف على أخلاق اليهود وفسادهم وإفسادهم، غير أن أنبياءهم وصالحيهم أمر آخر، فالأنبياء خير البشر، ولا ينبغي الإساءة إليهم والانجرار خلف الروايات الإسرائيلية المحرفة، التي لا تسيء للأنبياء فقط وإنما لله تبارك وتعالى. لقد حرف اليهود التوراة، وساروا على نهج


(١) ما بعد اسرائيل - بداية التوراة ونهاية الصهيونية - احمد المسلماني- ص ٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>