للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوراة المحرفة في أخلاقهم وفسادهم وإفسادهم محتجين بما نسبوه إلى أنبيائهم كذباً وزوراً، ومن الواجب على المؤرخين وخصوصاً المسلمين ألا يندفعوا في استقرائهم لتاريخ فلسطين إلى اتهام أنبياء الله بما افتراه عليهم اليهود وذلك في سبيل إثبات حق الأقوام الأخرى في فلسطين (١).

ولكن قد يظن بعض المسلمين أنه إعمالاً لقاعدة المعاملة بالمثل، يعامل اليهود في البلاد العربية والاوربية بمثل ما يعاملون به المدنيين في فلسطين وهو القتل ومصادرة الاموال أو سلبها. واعتقد ان هذا تصرف لا يقبله الإسلام "لا تزر وازرة وزر اخرى"، ولكن من المؤسف ان بعض المسلمين اليوم تبنوا عدداً من صفات وخواص معاداة السامية الأوربية بعد أن تأسْلَمَتْ كراهية اليهود هذه، أي اتخذت طابعاً إسلامياً مدعوماً بخليط من نصوص معادية لليهود من المصادر الإسلامية، تلك النصوص التي لم يكن من أهمية لها ولا تأثير لها على معاملة المسلمين لليهود في القرون السابقة. ولكن بعد ظهور الصهيونية واسرائيل كان متوقعاً ان يعتم موقف العداء هذا على أي فهم متوازن لماضي الإسلام الحقيقي ومواقفه وسياسته المتسامحة المتساهلة تجاه اليهود والأقليات غير المسلمة الأخرى. كما ان هنالك عدد من اليهود من البلاد العربية الذين يعيشون الآن في إسرائيل استبدلوا ذاكرة القبول الإسلامي لليهود وفترة الانسجام الكبير في الماضي ببغض ومقت شديد ضد الإسلام في الوقت الحاضر.

ولهذا يجب أن تبذل الجهود في كل أنحاء العالم سواء في الشرق الأوسط أو أوربا أو أميركا من أجل تشجيع فهم أكثر توازناً للعلاقات اليهودية الإسلامية في القرون الوسطى وذلك بدعوة المسلمين واليهود من أجل استكشاف الثقافة المشتركة في الماضي (٢). فهل يمكن لمتغيرات سياسية أن تخفف من حدة هذا العداء


(١) تاريخ فلسطين قبل الإسلام -وقفات مع تاريخ صراع الحق والباطل على أرض فلسطين
(٢) تعايش الأديان في الماضي: بقلم مارك كوهين، ترجمة كامل الزيادي-. نشر المقال باللغة الألمانية في صحيفة فرانكفورتر ألكمانية تسايتونغ بتاريخ ٢٥.١٠.٢٠٠٣ - - موقع قنطره http://www.qantara.de/webcom/show_softlink.php?wc_c=٣٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>