للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلسطين بقوا زمناً غير قليل محتفظين بصفات ومميزات سكان الصحاري في اخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم ونفورهم من كل انواع التغيير والتجديد (١). ولكنهم بعد ذلك - شأنهم شأن من سبقهم من مهاجرين رحل متحدرين من جذر واحد- قد استفادوا من الحضارة الكنعانية حينما استقروا في فلسطين وأغنوها على مدى ثلاثة قرون بما لديهم دون ان يلغوا اصالتها واستمراريتها (٢).

وعندما جاء العصر البرونزي الوسيط (٢٠٠٠ - ١٥٥٠ ق. م) شهد النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد حكم الهكسوس الذين سيطروا على فلسطين خلال القرون (١٨ - ١٦ق. م) وعلى ما يظهر ففي هذا العصر (حوالي ١٩٠٠ق. م) قدم إبراهيم عليه السلام ومعه ابن أخيه لوط عليه السلام إلى فلسطين من (أور الكلدانيين) وقد غادر بلاده مع بعض أفراد عائلته ليعبد الله عملاً بما أنزل عليه من الوحي. فعشيرته كانت تعبد الاصنام، وهو كان مؤمناً موحداً. وكانت حاران (حران) تقع إلى الشمال الشرقي لما بين الفرات وخابور، أول محطة له، وفيها مات أبوه (تارح) فأكمل السير بعد وفاته حتى وصل إلى شكيم (نابلس) (٣).

وقد كان إبراهيم عليه السلام أول الأنبياء الذين نعلم أنهم عاشوا في فلسطين وماتوا فيها، وهو أبو الأنبياء فمن نسله جاء الكثير من الأنبياء كإسحاق ويعقوب ويوسف وإسماعيل ومحمد عليهم أفضل الصلاة والسلام. وعلى كل حال فإن أبا الأنبياء إبراهيم الخليل كان رسولاً من أولي العزم من الرسل، وكان له دوره الدعوي في نشر رسالة التوحيد في فلسطين حيث كان يؤسس المساجد ويقيم المحاريب لعبادة الله في كل مكان ذهب إليه. ويظهر أنه لم يجد عناء أو عنتاً من أهل فلسطين ولم يضطر لتركها بسبب دينه ودعوته فظل مستقراً يتنقل بحرية فيها حتى توفاه الله.


(١) تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الإسلام - د. اسرائيل ولفنستون -ص ١٧
(٢) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر - طبعة ١٩٩١ - ص٤٧
(٣) فلسطين من الاسكندر إلى الفتح العربي الإسلامي- د. نقولا زيادة-الموسوعة الفلسطينية، المجلد الثاني بيروت،١٩٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>