للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغفران. فقد كان التبشير بالغفران والتوبة اكبر ذنوب الداعي الجديد، لان الخطايا والعقوبات بضاعة السلطان القائم (١)، سواء كهنة الهيكل أو السلطة الرومانية.

لقد جاء عيسى المسيح عليه السلام بشريعة جديدة ... شريعة تهدم كل عرف قائم وتعصف بكل شكل ظاهر، هذا بالرغم من انه أعلن: "لا تظنوا أنني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لانقض بل لأكمل" (متى ٥:١٧) .. ولكنه، قبل أن يعلن انه ما جاء لينقض بل ليكمل، كان قد ناقض الجوهريات الأساسية لشريعة الهيكل بقولة، فيما عرف باسم موعظة الجبل: "طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السموات. طوبى للحزانى. لأنهم يتعزون. طوبى للودعاء. لأنهم يرثون الأرض. طوبى للجياع والعطاش إلى البر .. طوبى للرحماء .. طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون" (متى ٥:٣ـ١٠).

لقد جاء المسيح ليقيم مملكته الروحية على أنقاض ما أفسده اليهود من الشريعة، إذ لا يعقل إن يأتي المسيح ليتم (فساد الشريعة) التي انتحلها اليهود لأنفسهم من دون أنبياء الله وما أوصوا به. ففي سفر ارميا النبي يقول لليهود: "محروقاتكم غير مقبولة ذبائحكم لا تلذ لي" (أرميا ٦:٢). وفي سفر أشعيا: "لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة، البخور هو مكروهة لي، رؤوس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي، صارت علي ثقلا، مللت حملها، فحين تبسطون أيديكم، أغمض عيني عنكم وان أكثرتم الصلاة لا اسمع أيديكم ملآنة دما" (أشعيا ١:١١ـ١٥)، وعلى لسان عاموس النبي يطلق صرخته في وجه هذا الشعب "ابعد عني ضجة أغانيك ونغمة ربابتك لا اسمع" (عاموس:٢٣)، أما المسيح فوجدهم "كالقبور المبيضة من الخارج ومن الداخل عظام نتنه" (متى ٢٣:٢٧). وفي موضع آخر يصرخ عيسى الناصري "يا مراءون حسناً تنبأ عنكم أشعيا قائلاً: "يقترب إلي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه، أما قلبه فيبتعد عني بعيداً (متى ١٥:٧ـ٨) (٢).

فيسوع - خلافاً للأحبار الربانيين- لا يبشر في الكنيس وإنما هو مبشر جواب يتوجه إلى كل الناس لا إلى فئة معينة. وهو لا يستخدم أبداً الأمر والزجر في


(١) حياة السيد المسيح - خير الله طلفاح ـ ص ١٨٤
(٢) على أعتاب الألفية الثالثةـ الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لإسرائيل ـ حمدان حمدان ص١٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>