للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١). أما وجوه الخير فهي بالطبع أمريكيا وإسرائيل والدول البروتستانتية التي يشع منها النور في عالم تغمره الظلمة؟!.

هذا التقسيم للعالم إلى خير وشر مستمد في الأساس من معتقدات دينية يؤمن بها المسيحيون البروتستانت، حيث يعتقدون إنطلاقاً من إيمانهم بكل ما ورد في التوراة وسفر الرؤيا، أن هناك قوة شريرة يسمونها (أبناء الظلام) ستقدم يوماً على حرب ضد قوى الخير ممثلة في إسرائيل وأشياعها من دول العالم البروتستانتي (أبناء النور)، وهم يضمون المسلمون ودول أخرى إلى جانب قوى الشر. وفكرة تقسيم الشعوب إلى خيره وشريرة نبعت أصلا من التراث اليهودي، الذي استقرت فيه فكره عن شعب بدائي من شعوب الأناضول، عرف في النقوش الآشورية باسم (السيميراي) بوصفه شعباً محارباً شيطانياً يسكن الغيم والظلمة، وأنه تحالف مع الحية ـ الشيطان ـ ضد يهوه، ومن ذلك التصور، نبعت فكرتان في فلكلور العهد القديم:

١. فكرة الشر الرابض هناك بأقصى الشمال، متربصاً بالأخيار (شعب يهوه).

٢. فكرة (أبناء الظلام) بوصف التسمية مظلة شاملة يندرج تحتها ـ جنباً إلى جنب مع شعب جومر السيميري ذاك ـ حشد من شعوب أخرى شريرة ومعادية لـ (الشعب) الذي بات - تعريفاً له بالنقيض ـ (أبناء النور).

ولقد كان من الطبيعي أن يلاقي ذلك التصنيف تقبلاً فورياً واسعاً لدى الأصوليين المسيحيين في أمريكا، إذ اتسق مع تصنيف العقل الأميركي التبسيطي للبشر إلى أخيار Goodies وأشرار Baddies! إلا أن التصنيف قبل أن يصل إلى العقل الأميركي المعبرن، كان قد ظل يفعل فعله المدمر بكفاءة عالية في إبداع سيناريو (يوم يهوه) الذي ستكون فيه نهاية الذبيحة الكبرى، على كل الأمم، أي (أبناء الظلام) أعداء (أبناء النور) (الأمة المقدسة) بني إسرائيل: "لقد قضى يهوه إله إسرائيل بحرب على كل الأمم (الجوييم، الأغيار)، وبقديسي شعبه سوف يضرب بجناح قوي" (٢).


(١) المجتمع الأميركي بعد ١١ سبتمبر ـ المؤلف: صوفي بودي جندرو - ط١ ٢٠٠٢ - الناشر: مطبوعات [المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية]- باريس كامبردج بوك ريفيوز
(٢) المبشرون البروتستانت والنية القاتلة - غريس هالسل ١٥٠ - - كتاب مترجم نشر في جريدة الشرق الاوسط على حلقات اعتبارا من ١٧/ ١٠/١٩٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>