للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ما أرادت، والفلسطينيون الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من إقامة دولتهم المعترف بها دولياً، انتكست قضيتهم وتراجعت القهقرى سنوات عدة في جهودهم من اجل الحرية. قتل الآلاف منهم ودمرت آلاف المنازل، وزج في غياهب السجون بعشرات الآلاف من الفلسطينيين وتعرضوا للتعذيب، وها هي أمريكا الآن تتحفز للخروج إلى الحرب ضد أعداء إسرائيل. والخطط التي رسمت وقتها لم تقتصر على مهاجمة تنظيم القاعدة، بل العراق وإيران وسوريا أيضاً.

٤ - لم يعد هناك ما يلجم شارون فانطلق دون رادع لارتكاب جرائم بلا حدود ضد الشعب الفلسطيني. لقد أطلقت يداه فلم يعد يخشى أي خطوات انتقامية جدية لا من الولايات المتحدة، ولا من أية جهة أخرى. وبالطبع فإن شارون انتهز الفرصة فاندفع للقيام بهذه المهمة بالضبط. ومن الأمثلة المفحمة التامة في دلالتها على أن إسرائيل أصبح بامكانها، ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ارتكاب ما يحلو لها مثل ذاك الهجوم على جنين (١).

٥ - من أهداف هذه العملية إعاقة تنامي قوة الأقليات الإسلامية في الولايات المتحدة، وفي العديد من الدول الأوروبية، بعد أن أصبحوا الآن قوة ملحوظة. وقد أبدى المسلمون في الانتخابات الأمريكية الأخيرة نشاطاً ملحوظاً. وأي تعاظم لقوة الحركة الإسلامية أو للأقلية الإسلامية يعني هبوطاً لقوة اللوبي الصهيوني. وهو ما لا ترضى به تل أبيب، ولا يمكن أن تهمل هذا الأمر الخطير بالنسبة لها، أو أن تتناساه. فكان إلصاق هذه العملية الإرهابية بالمسلمين ضرورياً لإثارة الرأي العام ضدهم في الولايات المتحدة وفي أوروبا، وتنفيره منهم وتجميد نشاطهم وتقليل هجرة المسلمين إليهما.

٦ - لقد رأى القيمون على إدارة بوش في أحداث ١١ سبتمبر فرصة لتقوية الحكومة ولكسب تأييد شعبي، عن طريق إقامة حالة حرب داخلية. فبعد الهجوم الإرهابي على نيويورك وواشنطن عرفت الولايات المتحدة، في الواقع، تحولاً جذرياً في علاقات السكان مع الشرطة والقوات المسلحة، كما في الإطار الدستوري


(١) عام على أحداث ١١ سبتمبر / بقلم ديفيد ديوك- ترجمة كمال البيطار - جريدة الخليج ٦/ ٩/٢٠٠٢ - عدد ٨٥١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>