للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمم التي لم تفقد مزايا الرجولة والمغامرة" (١). وترى (جندور) أن الإشارة في خطاب بوش عن حال الاتحاد في يناير/ كانون الثاني ٢٠٠٢ للخير والشر، تندرج ضمن هذه الاستمرارية الفكرية (٢).

وفي الوقت الحاضر ابتدع (صامويل هنتنغتون) إلي جانب كثيرين آخرين من شاكلته، معظمهم جاءوا من رحم قوي الظل العالمية، رسالة يشرح فيها التبرير الأخلاقي للحرب التي من أجلها أوصلوا (جورج دبليو بوش) إلي البيت الأبيض. وتروج الرسالة إلي وجوب اعتناق القيم الأمريكية والغربية واعتبارها قيما عالمية، حيث زعم الموقعون علي تلك الرسالة، أن من قاموا بهجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) إنما كانوا يهاجمون تلك القيم، وأعلنوا أن العالم أصبح قرية واحدة، وأن عملية العولمة المستمرة لا بد وأن تحمل في ثناياها مجموعة واحدة من المبادئ العالمية، وقرروا نيابة عن العالم بأن هذه المفاهيم والقيم يجب أن تكون المبادئ الغربية (٣). وقد تناسى هؤلاء الجرائم وحروب الإبادة التي افرزها الإيمان بهذه القيم، عندما حاول رؤساء أمريكا الحديثة التوسع في غرب (الغرب الأميركي)، وحيثما شاء (القدر المتجلي). حيث أنهم في كل خطوة من هذا التوسع (لم يتخلوا قيد أنملة عن السياق التاريخي العنصري والدموي) حيث تحكمت عقدة الاختيار والتفوق بسلوكهم وبنادقهم فأوهمتهم بأنهم يملكون حق تقرير الحياة والموت لكل من عداهم، وأنهم في حل من أي التزام إنساني أو قانوني تجاه الشعوب التي يستعمرونها، لا باعتبار أنها أعراق منحطة وحسب، بل لأنها في الغالب مخلوقات متوحشة لا تنتمي للنوع الإنساني. إن ميتافيزياء كراهية الهنود (لدى الزنابير) ـ كما يقول (هرمان ملفيل) استحكمت بطقس (التضحية بالآخر)، وهذا ما جعل أميركا تعيش بضحاياها. ولا يمكن فهم حروبها وعلاقاتها الدولية إلا بالبحث عن ينابيع طقوسها الخاصة بالتضحية بالآخر (٤).


(١) صناعة الإرهاب ـ د. عبد الغني عماد - ص١٣
(٢) المجتمع الأمريكي بعد ١١ سبتمبر ـالمؤلف: صوفي بودي جندروـ كامبردج بوك ريفيوز
(٣) إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ القدس العربي ٢٧/ ١ـ ٣/ ٢/٢٠٠٣م
(٤) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>