اعتراضات داخل العقيدة الكاثوليكية، تقول بفصل اليهود المعاصرين عما اقترفه العبرانيون القدامى بحق المسيح، ويشبه هذا المنطق ما تعبر عنه الآية الكريمة (ولا تزر وازرة وزر أخرى). ورغم التخفيف الكاثوليكي من لهجة العداء الديني لليهود فان الفاتيكان بشخص البابا بيوس العاشر كان قد أعلن رفضه للدعاوى اليهودية - الهرتزليه في فلسطين فاثر لقاء بين البابا ببوس وتيودور هرتزل في السادس والعشرين من كانون الثاني عام ١٩٠٤ انتهى اللقاء بإعلان فاتيكاني حاسم "إن البابا يعلن معارضته الكلية للحركة الصهيونية وللهجرة اليهودية إلى فلسطين". ومن الطبيعي إن موقف الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة، كان يحذو حذو الموقف لدى الكنيسة الام في روما (١)، وهذا يجعل الكاثوليك مؤهلين للعب دور هام جداً في تغيير السياسة الأمريكية تجاه منطقتنا، بل وتجاه العالم.
ولكى يتم ذلك لابد من حدوث تعاون مثمر مع زعماء الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا، والفئات الاخرى المهمشة مثل العرب والمسلمين، الزنوج والآسيويين، وحتى بعض فئات البروتستانت، وهذا التعاون يهدف في الاساس إلى زيادة ثميل هذه الفئات في الحكومة الأمريكية والكونجرس، وتشكيل قوة ضغط موازية للتيار الاصولى المتعصب لتحجيمه والتقليل من خطره. وربما يقول البعض انه من الصعب الوصول إلى هذا الامر بسبب اختلاف مصالح هذه الاقليات. والرد على ذلك، هو ان اى اختلافات في المصالح لا يجب ان تكون عائقاً في سبيل التصدى لهذا الوحش الذى يهدد الحضارة الانسانية، وقد عرضنا بما فيه الكفايه للخطر الذى يمثله التيار الديني الاصولي الذي يحكم أمريكا الآن على العالم باسره.
وسبب تركيزنا على الكاثوليك، هو انهم اقدر الجماعات على التصدى لهذا الخطر، وبالذات بالنظر إلى الدعم الذى سيتلقونه من الدول الكاثوليكية في اوروبا وأمريكا اللاتينية، والتي بدأت تنظر بحذر لعلاقاتها مع أمريكا بسبب علاقاتها المريره معها والتى عرضنا لجزء منها في السابق، والاهم من ذلك هو انهم سيساهمون وبدرجة كبيرة في وقف التهويد المنظم للمسيحية. فالقاعدة المسيحية الكاثوليكية الأمريكية لا تزال محافظة على مبادئها اللاهوتية، ولا تزال متمسكة
(١) على أعتاب الألفية الثالثة- الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لاسرائيل- حمدان حمدان ص١٤٢