للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرقية" (١). ويمكن اجمال اسباب الانفضال في سبب واحد وهو الخلاف بين الروح الشرقية التي تميل إلى التوحيد والروح الغربية التي تميل إلى التعدد، حيث انعكس هذا الخلاف على عقيدة كلاً الكنيستين حول طبيعة المسيح والروح القدس وغيرها من الأمور. فالكنيسة الأرثوذكسية تقول أن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة، أما الكاثوليك فيقولون أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، أي أن آثار التوحيد التي انفطر عليها الشرقيون واضحة في عقيدة هذه الكنيسة، بعكس الكنيسة الكاثوليكية التي تأثرت بالحضارة اليونانية والرومانية فمالت إلى التعدد. "وهذا الجدل اللاهوتي هو الذي يتيح لنا أن ندرك سبب الاستجابة السريعة إلى الإسلام من قبل الاريوسيين الذين وجدوا في الإسلام صدى لعقيدتهم، فحينما ظهر الإسلام كان رفضه لالوهية المسيح هو الامر الجوهري الذي تمركزت حوله الوان الجدل مع الكنيسة في فلسطين وفي البلدان التي اخذت بمذهب اريوس أو بمذهب تابعه نسطور.

والتوحيد في الإسلام كما هو لدى اريوس يرفض فكرة التثليث (الاقانيم الثلاثة) التي صيغت بمنطق الثقافة اليونانية في مجمع نيقية" (٢).

والكنيسة الأرثوذكسية تتخذ موقفاً مناهضاً للصهيونية المسيحية على قاعدة الدفاع عن العقيدة المسيحية في الدرجة الأولى. ويعكس هذا الموقف البيان الذي أصدره (مجلس كنائس الشرق الأوسط) عن الحركات الإنجيلية الغربية الجديدة حيال الشرق الأوسط والذي أكد فيه على: "أن التعاظم المفاجئ في نشاط الحركات الإنجيلية الغربية وعددها، وفي نشاط المراسلين العاملين في الشرق الأوسط، هو مسألة تهم كنائس المنطقة ومجلس كنائس الشرق الأوسط. ففيما نجهد لاستعادة وحدتنا في المسيح، تعترينا مخاوف من أن بعض هذه المجموعات تحدث أثراً انقسامياً، فبعضها لا يعترف للكنائس في الشرق الأوسط بتاريخها وشهادتها ورسالتها الخاصة، وبعضها الآخر يصر على زرع رؤية لاهوتية غريبة على ثقافتنا، بل أن اختلاط المفاهيم أحدث قلقاً، وبخاصة بين الإنجيليين والأسقفيين من أعضاء مجموعة كنائس المجلس الذي نجحوا في آداء شهادة أصلية وملائمة ثقافياً".


(١) سلسلة مقارنة الأديان - د. أحمد شلبى - ج٢ (المسيحية - ص ٢٤٠
(٢) تاريخ اوروبا في العصور الوسطى - د. سعيد عبد الفتاح عاشور- ص ٤ - دار النهضة العربية - بيروت

<<  <  ج: ص:  >  >>