للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النهاية (١) اهـ" لأن النار التي هي النقمة المعدة لأهل المخالفة مقدرة قد عرف نسبة زيادتها على نار الدنيا بخلاف الجنة التي هي النعمة المعدة لأهل الطاعة لا تقدير لها ولا نسبة من نعيم الدنيا ولم تحصر في قدر مخصوص كما تقدم والله أعلم، قاله العراقي في شرح الأحكام. فنار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار جهنم وغسلت بالبحرين مرتين حتى أشرقت [وخف] حرها ولولا ذاك ما انتفع بها أهل الدنيا، وهي تدعو إلى الله أن لا يعيدها إليها ومن أعظم ما يذكر بنار جهنم النار التي في الدنيا. قال الله تعالى: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} (٢) يعني أن نار الدنيا جعلها الله تذكرة تُذكر بنار جهنم. مرّ ابن مسعود -رضي الله عنه- بالحدادين وقد أخرجوا حديدا من النار فوقف ينظر إليه ويبكي.

ورُوي أنه مر على الذين ينفخون الكير فسقط، وكان أويس يقف على الحدادين فينظر إليهم كيف ينفخون الكير ويسمع صوت النار فيصرخ وكان كثير من السلف يخرجون إلى الحدادين ينظرون ما يصنعون بالحديد فيبكون ويتعوذون بالله من النار. رأى عطاء السلمي امرأة قد سجرت تنورها فغشي عليه. قال الحسن: كان عمر -رضي الله عنه- ربما توقد له النار ثم يُدني يده منها، ثمّ يقول: يا ابن الخطاب هل لك على هذا صبر، وكان الأحنف بن قيس يجيء إلى المصباح فيضع إصبعيه ويقول: حسّ ثم يعاتب نفسه على ذنوبه. أجّج


(١) النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣٧٧).
(٢) سورة الواقعة، الآية: ٧٣.