للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التذكرة (١). والله أعلم. قولهم: "قالوا والله إن كانت لكافية" الحديث، إن في مثل هذه الموضع مخففة من الثقيلة عند البصريين وهذه اللام هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة وهي عند الكوفيين بمعنى ما واللام بمعنى إلا، تقديره عندهم ما كانت إلا كافية، وعند البصريين إنها كانت كافية، نظيره قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} (٢) أي إنها كافية فأجابهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها فضلت عليها في المقدار والعدد بتسعة وتسعين فضلت عليها أيضا في شدة الحر بتسعة وستين ضعفا، اهـ.

تنبيه: ولا يضر تأكد الكلام وتكرره فإنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر تفضيل جهنم في الحر بهذه الأجزاء، وقال الصحابة أن حر نار الدنيا كافيا في العقوبة والانتقام أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أخبر به أوّلا بعد سؤال الصحابة وقال إنها فضلت عليها بهذا القدر في الحر والله أعلم.

والإشارة في قوله: "ناركم هذه" يحتمل أن يكون التقريب لحضورها ومشاهدتها ويحتمل أن يكون للتقليل والاحتقار وفيه ترجيح جانب الرحمة "وفي الحديث إن رحمتي تغلب غضبي هو إشارة إلى سعة الرحمة وشمولها الخلق كما يقال غلب على فلان الكرم أي هو أكثر خصاله وإلا فرحمة الله وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته الثواب والعقاب، وصفاته لا توصف بغلبة إحداهما الأخرى وإنما هو على سبيل المجاز للمبالغة والله أعلم. قاله في


(١) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: ٨٥٠).
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٤٣.