للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك أن تفزع إلى شفاعته أمته ولو لم يؤمنه لكان مشغولًا بنفسه كغيره من الأنبياء.

الخامسة: أن سائر الأنبياء لم يروا قبل يوم القيامة شيئًا منها فإذا [رأوها] شغلتهم أنفسهم عن أممهم فأما نبينا وشفيعنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد رأى جميع ذلك فلا يفزع منه مثل ما فزغوا ليقدر على الخطبة وهو المقام المحمود الذي وعده به ربه في القرآن وثبت في صحيح السنة.

السادسة: فيه دليل فقهي على أن الجنة والنار قد خلقهما الله خلافا للمعتزلة المنكرين لخلقهما وهو يجري على ظاهر القرآن في قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (١)، {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (٢) والإعداد دليل الخلق.

الثامنة: ويحتمل أنه أراه إياها ليعلم خسة الدنيا في جنب ما أراه فيكون في الدنيا أزهد وعلى شدائدها أصبر حتى يؤديه إلى الجنة فقد قيل: حبذا محنة تؤدي بصاحبها إلى الرخاء وبؤسا لنعمة تؤدي بصاحبها إلى البلاء.

التاسعة: ويحتمل أن الله سبحانه وتعالى أراد ألا يكون لأحد كرامة لا تكون لمحمد -صلى الله عليه وسلم- مثلها ولما كان لإدريس -عليه السلام- كرامة الدخول إلى الجنة قبل يوم القيامة أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون ذلك لصفيه ونجيه وحبيبه وأمينه على وحيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وشرف وكرم وعظم وبجل ووقر، قاله الحافظ ابن دحية في كتاب الابتهاج في أحاديث المعراج، ذكره القرطبي في كتاب


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٣٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٤.