على هيئة تنعم أهل الدنيا إلا ما بينهما من التفاضل في اللذة والنفاسة التي لا تشارك نعيم الدنيا إلا في التسمية، وأصل الهيئة، وإلا فإنهم لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يبصقون ودلت دلائل الكتاب والسنة أن نعيم الجنة دائم لا انقطاع له، اهـ. [قوله:"لا يبولون ولا يتغوطون "، وهو كناية عن الخارج من السبيلين جميعا]، قوله:"ولا يمتخطون " من المخاط.
قوله:"ولا يتفلون " بضم الفاء وكسرها حكاهما الجوهري وغيره، أي لا يبصقون ولما كانت أغذية الجنة في غاية اللطافة والاعتدال لا عجم ولا تفل لم يكن لها فضلة تستقذر بل تستطاب وتستلذ فعبر عنها بالمسك بقوله:"ورشحهم المسك " الذي هو أطيب طيب الدنيا. قوله:"وأمشاطهم الذهب" وفي الرواية الأخرى: أمشاطهم من الذهب والفضة، الحديث يحتمل أن لكل واحد منهم النوعين ويحتمل أن لبعضهم الذهب ولبعضهم الفضة. وفي الحديث الصحيح جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما. قال أبو العباس القرطبي (١): قد يقال هنا أي حاجة في الجنة للأمشاط ولا تتلبد شعورهم ولا تتسخ وأي حاجة للبخور وريحهم أطيب من المسك؟ ويجاب عن ذلك بأن نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم فليس أكلهم عن جوع ولا شربهم عن ظمأ ولا تطيبهم عن نتن إونما هي لذات متوالية ونعم متتابعة ألا ترى قوله
(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٢٣/ ٤٣)، انظر: طرح التثريب في شرح التقريب (٨/ ٢٥٧).