للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ارتفاع السرير أكثر من ارتفاع الفرش، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- (١): في قوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣)} (٢) ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت والسرير كما بين مكة وأيلة، تقدم الكلام على أيلة في ذكر الحوض عن الكلبي أن طول السرير في السماء مائة عام وأن السرر مرتفعة ما لم يجئ أهلها فإذا أراد الرجل أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها ثم ترتفع إلى موضعها. قال الله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ} (٣) إعلاما بتقاربها وحسن ترتيبها وعدم تدابرها وكمال تقابلها، وقال تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦)} (٤) المنضودة المزينة، المنضودة التي هي على نسج واحد وإذا تأملت ارتفاع الفرش وارتفاع الأسرة ظهر لك من ذلك أن ارتفاع القصور والغرف التي تكون فيها هذه الأسرة لا تكاد تحاط وما الظن بارتفاع جملة الغرف التي بعضها فوق بعض، قال الله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (٥) الآية. ثم إنك قد علمت أن للمؤمن على هذه السرر أهلين وزوجات وما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من صفات نساء الجنة وحورها فكثير يذهل عقول المتفكرين ويذهب بلبّ المتبصرين وبالجملة فلا شك أن نساء الجنة


(١) تفسير البغوي (٤/ ٤٧٩).
(٢) سورة الغاشية، الآية: ١٣.
(٣) سورة الطور، الآية: ٢٠.
(٤) سورة الواقعة، الآية: ١٥ - ١٦.
(٥) سورة الزمر، الآية: ٢٠.