للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محسوس وذلك من نعوتنا ولكن حجبه عن أبصار خلقه وبصائرهم وإدراكاتهم بما شاء وكيف شاء، اهـ ذكره القرطبي (١).

سؤال: إن قيل لم جعل الله الخلق في حجاب من نفسه. قلنا لوجوه أحدها لزيادة المحبة كما قيل سرور الأوبة على قدر طول الغربة. والثاني [لزيادة المحبة. والثالث: لزيادة] (٢) الهيبة. والرابع: ليكون فضلا للمستدلين على غيرهم. والخامس: لو كشف عنهم الحجاب حتى يشاهدوه في الدنيا لاشتغلوا بالنظر إلى جماله عن أنفسهم وعمارة الدنيا، ألا ترى أن امرأة العزيز أعطت النسوة كل واحدة منهن سكينا وأترجا وأمرتهن أن يقطعن الأترج وقالت ليوسف عليه الصلاة والسلام اخرج عليهن فلما رأينه دهشن من حسنه وغبن عن حواسهن حتى قطعن أيديهن بالسكاكين ولم يعرفن بالألم، إذا كان هذا حصل لهن بنظرهن إلى جمال مخلوق فما ظنك بما يحصل بالنظر إلى جمال الخالق. واعلم أن الله تعالى ليس بمحجوب لأنه لو حجبه شيء لستره وهو تعالى ليس في جهة ولا مكان وإنما المحجوب أنت، انتهى ذكره النعيمي.

قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم. اعلم أن أعلى نعيم المتنعمين في الجنة شيئان زيارتهم ربهم تعالى ونظرهم إليه سبحانه وتعالى. قوله: "ثم تلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا


(١) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: ١٠١٢).
(٢) سقطت هذه العبارة من النسخة الهندية.