للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يراه أحد من خلقه بعد رؤية القيامة حتى يأذن لهم بدخول جنة عدن فإذا دخلوها أراد أن يروه فيروه وهم في جنة عدن. قال البيهقي وغيره: معناه وليست العظمة والكبرياء من جنس الثياب المحسوسة وإنما هي توسعات ووجه المناسبة أن الرداء والإزار لما كانا ملازمين للإنسان مخصوصين به لا يشاركه فيهما غيره عبر عن عظمته وكبريائه بهما لأنهما مما لا يجوز مشاركة الله فيهما ألا ترى آخر الحديث: فمن نازعني واحدا منهما قصمته ثم قذفته في النار. قاله القرطبي (١).

تنبيه: قال العلماء: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخاطب العرب بما يفهمونه ويقرب الكلام إلى أفهامهم ويستعمل الاستعارة وغيرها من أنواع المجاز ليقرب متناولها فعبر -صلى الله عليه وسلم- عن زوال المانع ورفعه عن الأبصار بإزالة الرداء. وقوله في جنة عدن أي والناظرون في جنة عدن فهي ظرف للناظر (٢) والله أعلم. فجنة عدن دار الرحمن [ومقصورته] والفردوس جنان الأنبياء والأولياء بقرب جنة عدن فعدن كالمدينة وفردوس كالقرى حولها فإذا تجلى لأهل الفردوس رفع الحجاب "الحجاب أصلها الستر الحائل بين الرائي والمرئي (٣) كما تقدم" وهو رداء الكبرياء فينظرون إلى جلاله وجماله فحجابه في جنات عدن رداء الكبرياء وفي الدنيا النار. قال -صلى الله عليه وسلم-: "حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات


(١) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص: ١٠١٤).
(٢) شرح النووي على مسلم (٣/ ١٦).
(٣) مطالع الأنوار (٢/ ٢٣٣).