للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تجيء هذه مخصوصة في مجتنبي الكبائر فقط (١)، حكاه ابن عطية في تفسيره في آخر سورة هود وقال ابن عطية أيضا: واختلف العلماء في هذه المسألة فجماعة من الفقهاء وأهل الحديث يرون أن الرجل إذا اجتنب الكبائر وامتثل الفرائض، كفرت صغائره كالنظر وشبهه قطعًا بظاهر هذه الآية وظاهر الحديث، وأما الأصوليون فقالوا: لا يجب على القطع تكفير الصغائر باجتناب الكبائر، وإنما يحمل ذلك على غلبة الظن وقوة الرجاء، والمشيئة ثابتة، ودل على ذلك أنه لو قطعنا لمجتنب الكبائر وممتثل الفرائض بتكفير صغائره قطعا لكانت له في حكم المباح الذي يقطع بأنه لا تباعة فيه، وذلك نقض لعرى الشريعة (٢). ومحمل الكبائر عند الأصوليين في هذه الآية أجناس الكفر، والآية التي قيدت الحكم فترد إليها هذه المطلقات كلها: قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣) ذكره ابن عطية في قوله {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْه} (٤) (٥) انتهى.

لطيفة: نختم بها الباب في وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "فخرج بلال بوضوء فمن ناضح ونائل" (٦) الحديث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ كادوا


(١) تفسير ابن عطية (٣/ ٢١٣).
(٢) تفسير ابن عطية (٢/ ٤٤).
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٤) سورة النساء، الآية: ٣١.
(٥) المصدر السابق (٢/ ٤٤).
(٦) أخرجه مسلم (٢٤٩ - ٥٠٣) عن أبى جحيفة.