للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "استقيموا ونعما إن استقمتم" الحديث، فالاستقامة هي سلوك الصراط وهو الدين القويم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة وترك المنهيات كلها كذلك (١) وقد ورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "سددوا وقاربوا" فذكر الحديث إلى أن قال "إلا أن يتغمدني الله برحمته" (٢) فجمع في هذا الحديث مقامات الدين كلها فأمر بالاستقامة وهي السداد والإصابة في النيات والأقوال والأعمال وأخبر في حديث الوضوء أنهم لا يطيقونها فنقلهم إلى المقاربة وهي أن يقربوا من الاستقامة بحسب طاقتهم كالذي يرمي إلى الغرض فإن لم يصب يقاربه ومع هذا.

فأخبرهم أن الاستقامة والمقاربة لا تنجي يوم القيامة فلا يركن أحد إلى عمله ولا يرى أن نجاته به بل إنما نجاته برحمة الله وعفوه وفضله فالاستقامة كلمة جامعة آخذة بمجامع الدين وهي القيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والنيات فالاستقامة فيها وقوعها لله وبالله وعلى أمر الله قال بعض العارفين كن صاحب الاستقامة لا طالب الكرامة فإن نفسك متحركة في الكرامة وقال بعض المحققين أعظم الكرامة لزوم الاستقامة قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا


(١) جامع العلوم والحكم (٢/ ٦٠٧).
(٢) أخرجه البخارى (٥٦٧٣) و (٦٤٦٣)، ومسلم (٧١ - ٢٨١٦) عن أبى هريرة.