وانقيادًا لطاعته وتفويض إليها بقوله لا حول ولا قوة إلا بالله، فمن حصل هذا فقد حاز حقيقة الإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات، والأول: إثبات الذات مما يستحب من الكمال والتنزيه عن ضد ذلك، وذلك بقوله: الله أكبر، وهذه الأمور السابقة دالة على ما ذكرناه، ثم صرح بإثبات الوحدانية مع نفي ضدها من الشرك المستحيل في حقه سبحانه وتعالى، وهذه عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على كل تصانيف الدين، ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية وموضعها بعد التوحيد لأنها دليل الأفعال الجائزة الوقوع وتلك المقدمات من باب الواجبات وبعد هذه الواجبات كملت العقائد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه سبحانه وتعالى، ثم دعا إلي ما دعاهم إليه من العبادات فدعاهم إلى الصلاة وحقها بعد إثبات النبوة لأنه معرفة وجوبها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من جهة العقل، ودعاهم إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم، وفيه: إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهي آخر عقائد تراجم الإسلام، ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها وهو متضمن لتأكيد الإيمان، وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلي فيه على بينة من أمره وتعبيره من إيمانه، ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حق من يعبده وجزيل ثوابه (١) والله أعلم، قاله في شرح الإلمام.
(١) إكمال المعلم (٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤)، وشرح النووى على مسلم (٤/ ٨٨ - ٨٩).