للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يا جبل تصير هباء منثورا ويبقى على يزيد الحساب، وكان يقول: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فقرأت عليه سورة فلما فرغت قال: يا يزيد هذه القراءة فأين البكاء، وكان من البكائين، عطش نفسه أربعين سنة لم يفطر فيها إلا خمسة أيام، وكان يبكي على نفسه ويقول: يا يزيد إذا مت من يتصدق عليك، إذا مت من يصوم عنك، وكان إذا دخل بيته بكى وإذا جلس إلى إخوانه بكى وأبكاهم فقال له ابنه يوما: يا أبتي لم تبكي يا أبتي والله لو كانت النار خلقت لك ما زدت على البكاء، فقال: ثكلتك أمك يا بني وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولأخواننا من الجن أما تقرأ يا يبني {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)} (١) أما تقرأ {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥)} (٢) وجعل يبكي ويقرأ حتى تناثرت أشفار عينيه (٣).

ومن كلامه: أيها المنفرد في حفرته المتخلي في قبره بوحدته المستأنس في بطن الأرض بأعماله ليت شعري بأي أعمالك استبشرت وبأي أخوانك اغتبطت ثم بكى حتى بل عمامته ثم يقول: استبشر والله بأعماله الصالحة واغتبط والله بأخوانه المتعاونين على الطاعة وكان يبكي يسقط ثم يفيق ثم يسقط فيحمل مغشيا عليه، وكان يقول: ابكوا قبل البكاء ونوحوا قبل يوم النياحة وتوبوا قبل انقطاع التوبة، إنما سمي نوحا لأنه كان نواحا فنوحوا


(١) سورة الرحمن، الآية: ٣١.
(٢) سورة الرحمن، الآية: ٣٥.
(٣) تهذيب الكمال (٣٢/ ٦٤ - ٧٧ ترجمة ٦٩٥٨).