للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معشر الكهول والشباب على أنفسكم، وكان يتكلم والدموع جارية على لحيته وخديه وكان يقول: إن العبد إذا وضع في قبره احتوشته أعماله ثم ينطقها الله تعالى فتقول: أيها العبد المنفرد في حفرته انقطع عنك الأخلاء والأهلون فلا أنيس لك اليوم غيرنا ثم يبكي يزيد ويقول طوبى لمن كان أنيسه صالحا والويل لمن كان أنيسه عليه [وبالا] ثم يتمثل بهذا البيت:

وإنا لنفرح بالأيام نقطعها ... وكل يوم مضى يدني من الأجل

وكان يقول: ليتنا لم نخلق وليتنا إذا خلقنا لم نمت، وليتنا إذا متنا لم نحاسب وليتنا إذا حوسبنا لم نعذب، وليتنا إذا عذبنا لم نخلد.

دخل يزيد يوما على عمر بن عبد العزيز فقال له: عظني فقال أنت أول خليفة تموت يا أمير المؤمنين، قال: زدني.

قال: لم يبق أحد من آبائك من لدن آدم إلى أن بلغت النوبة إليك إلا وقد ذاق الموت، قال زدني قال ليس بين الجنة والنار منزل والله يقول: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} (١) وأنت أبصر ببرك وفجورك فبكى عمر حتى سقط عن سريره، ولما حضرته الوفاة قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٢) ألا إن الأعمال محضرة والأجور مكملة ولكل ساع ما سعى وغاية الدنيا وأهلها إلى الموت ثم بكى، وقال: يا من القبر مسكنه بين يدي الله موقفه والنار غدا مرده ماذا


(١) سورة الإنفطار، الآيتان: ١٣ - ١٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٨٥.