للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه كما جاء في قوله: "بنى الله مثله في الجنة" لم يرد مثله في كونه مسجدا ولا في صفته ولكن قابل البنيان بالبنيان، أي: كما بنى بني له فهاهنا وقعت المماثلة لا في ذات المبني (١)، انتهى.

وهذا البيت هو والله أعلم مثل بيت خديجة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: "إنه من قصب لا صخب فيه ولا نصب" يريد من قصب الزمرد والياقوت (وسيأتي الكلام على بيت خديجة مبسوطًا)، ويعضد هذا بأن أجور الأعمال متضاعفة وأن الحسنة بعشر أمثالها، وهذا كما قال في القوة إنها تزداد حتى تكون مثل الجبل، ولكن هذا التضعيف إنما هو بحسب ما يقترن بالفعل من الإخلاص والإتقان والإحسان، ولما فهم عثمان - رضي الله عنه - هذا المعنى تأتي في بناء المسجد وحسنه وأتقنه واخلف الله فيه رجاء أن يبنى له في الجنة قصر متقن، وقد فعل الله له ذلك وزيادة (٢) والله أعلم، قاله في الديباجة.

فائدة: قال شيخ الإسلام النووي رحمه الله: يدخل في هذا الحديث من عمَّر مسجدًا قد استهدم، ويدخل فيه من أنشأ مسجدًا ولو اشترك جماعة في عمارة مسجد فهل يحصل لكل منهم بيت في الجنة كما لو أعتق جماعة عبدًا مشتركا بينهم فإنهم يعتقون من النار ويجوزون العقبة لقول الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ} وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - فك الرقبة بعتق البعض، والقياس إلحاق المساجد بالعتق لأن فيه ترغيب وحملًا للناس على إنشاء


(١) الروض الأنف (٢/ ٢٧٧).
(٢) المفهم (٥/ ٦١).