للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهذا الحديث والأحاديث قبله دال على أن الأرض البعيدة أفضل على المشي أفضل ثم هذا كله في حق من هو متفرغ لذلك ولا يفوته بكثرة خطاه ومشيه إلى المسجد مهمة من مهمات الدين فإن كان يفوته ذلك كالاشتغال بالعلم والتعلم والتعليم ونحو ذلك من فرض الكلمات فالدار القريبة في حقه أفضل وكذلك الضعيف عن المشي ونحوه والله أعلم قاله في المقاصد (١).

قال العلماء ينبغي أن يستثنى من أفضلية الأبعد الإمام فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأئمة بعده لم يتباعد عن المسجد لطلب الأجر، ويدل أحد أقوال الأصحاب يستحب التبكير للغير إلا الإمام فلا يستحب بل يأتي حين يصعد إلى المنبر كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله بنفسه (٢) فإن قيل روى الإمام أحمد في مسنده فضل البيت القريب من المسجد على البعيد منه كفضل المجاهد على القاعد عن الجهاد فالجواب إن هذا في نفس البقعة وذاك في الفعل فالبعيد دارًا مشيه أكثر وثوابه أعظم والبيت القريب أفضل من البيت البعيد (٣) ولهذا قيل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشؤم في ثلاثة المرأة والدار والفرس" (٤) إن شؤم الدار أن تكون بعيدة عن المسجد لا يسمع ساكنها الأذان (٥) والله أعلم.


(١) تسهيل المقاصد (لوحة ٦٩).
(٢) النجم الوهاج (٢/ ٤٩٢).
(٣) فتح البارى (٦/ ٣٢)، ومجموع رسائل ابن رجب (٤/ ٢٥).
(٤) أخرجه البخاري (٢٨٥٨) و (٥٠٩٣) و (٥٠٩٤) و (٥٧٥٣) و (٥٧٧٢)، ومسلم (١١٥ و ١١٦ و ١١٧ و ١١٨ - ٢٢٢٥) عن ابن عمر.
(٥) إرشاد السارى (٨/ ٤١١).