للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه ويكون مسجدنا للجنس أو لضرب المثال فإن النهي معلل بتأذي الملائكة أو بني أدم وذلك يوجد في المساجد كلها (١) ثم إن النهي في حق المساجد الثلاثة آكد منه في غيرها لما لها من الفضيلة على غيرها ولاسيما مسجد المدينة في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. حكي القاضي عياض عن بعض العُلماء أنه زعم أن النهي خاص بمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مكان هبط الملك بالوحي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تقربن مسجدنا" والمشهور خلاف ذلك ثم إن النهي إنما هو عن حضور المسجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما فهذه البقول حلال بإجماع من يعتد به وحكى القاضي عياض عن أهل الظاهر تحريمها لأنه يمنع من حضور الجماعة وهي عندهم فرض عين، وحجه الجمهور قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لا تُنَاجِي" (٢)، والمناجى والمحدّث لغيره والمراد بقوله لغيره هو الملك وقيل لفظ أناجي من لا تناجي دليل على أن الملائكة أفضل من بني أدم وفيه أن الملائكة تتأذى بما يتأذى منه بنو أدم وليس المقصود بالكراهة كراهة تحريم ولهذا قال "أيها الناس ليس لي تحريم ما أحل الله لي" (٣).


(١) شرح النووي على مسلم (٥/ ٤٨)، وإحكام الأحكام (١/ ٣٠٣)، والعدة (١/ ٥٨٩).
(٢) أخرجه البخاري (٨٥٥) و (٧٣٥٩) ومسلم (٧٣ - ٥٦٤) عن جابر.
(٣) شرح النووي على مسلم (٥/ ٤٨). والحديث أخرجه مسلم (٧٦ - ٥٦٥) عن أبي سعيد، وأخرجه البخاري (٣١١٠) ومسلم (٩٥ - ٢٤٤٩) وأبو داود (٢٠٦٩) عن على بن أبي طالب.