قوله:"وعن أنس -رضي الله عنه-" تقدم الكلام على مناقبه.
قوله:"قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوجهه فقال أقيموا صفوفكم وتراصوا" الحديث تراصوا بضم الصاد المهملة أي تضاموا ولا وتلاصقوا حتى يتصل ما بينكم ولا ينقطع فالتراص التلاصق ومنه قوله تعالى كأنهم بنيان مرصوص قاله أحد المتأولين.
قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإني أراكم من وراء ظهري" وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"هل ترون قبلتي ها هنا، فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري" وفي رواية "إني لأبصر من ورائي كما أبصر بين يدي" مذهب أهل السنة من الأشعرية وغيرهم أن هذا الإبصار إدراك خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- انخرقت له فيه العادة فكان يرى به من غير مقابلة فإن أهل السنة لا يشترطون في الرؤية المقابلة ولا مما يشترطه المعتزلة فلذلك استحال عندهم رؤية الله تعالى يوم القيامة وخالفوا قواطع الشريعة وما أجمع عليه الصحابة والتابعون وقال بقي بن مخلد: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرى في الظلام كما يرى في الضوء، وقال مجاهد: كان يرى خلفه كما يرى أمامه وذهب بعض العلماء إلى أن المراد في هذا الحديث بالبصر والرؤية العلم وأن معناه أعلم وهذا احتمال بعيد وحمله على الظاهر أولى ويكون ذلك زيادة في إكرامه -صلى الله عليه وسلم- وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا والله أعلم.