للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وامتثلناه، أ. هـ؛ قال الراوي: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسوي بين الصفوف حتى يدعه مثل القدح أو مثل الرمح فرأى صدر رجل باديا صدره من الصف فقال: "عباد الله لتسون صفوفكم" الحديث، وضرب المثل في تسوية الصفوف بالقدح من أبلغ الأشياء لأن القدح لا يصلح للأمر الذي عمل له إلا بعد الانتهاء إلى الغاية القصوى في الاستواء، والمراد من الحديث المبالغة في تسوية الصفوف.

قوله: في رواية أبي داود وابن حبان: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه؛ الكعب: هو العظم الناتئ بين مفصل الساق والقدم، ففي كل رجل كعبان، وإنما يلصق الكعب بالكعب إذا كان ما ذكرناه، وفي وجه أن الكعب هو الذي فوق مشط القدم وهو شاذ ضعيف، أنكره الأصمعي والله أعلم (١)، وفيه حجة لأحد القولين عندنا أن تسوية الصفوف تعتبر بالصدور لا بالأقدام (٢)، وظاهر هذا الحديث أن تسوية الصفوف واجبة لما رتب على تركها من الوعيد (٣)، والجواب عنه: أن الوعيد إنما رتبه على مخالفة القلوب فإن اختلافهم في الصفوف يدل على اختلاف قلوبهم، فجعل اختلاف الصفوف سببا لاختلاف القلوب (٤)، وفيه دليل على


(١) روضة الطالبين (١/ ٥٤) والنجم الوهاج (١/ ٣٣٢).
(٢) فتح البارى (٦/ ٢٨٣) لابن رجب.
(٣) انظر الكواكب الدراري (٥/ ٩٣)، والإعلام (٢/ ٥١٧).
(٤) شرح النووي على مسلم (٤/ ١٥٧).