للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النوم وهو وقت السحر وقد مدح الله تعالى أقوامًا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (١) والوتر تفعل قبل النوم وفي وقت انتشار الناس غالبًا، وللأول أن يجيب عن الحديث الأول بأن المراد أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن على شيء من النوافل التابعة للفرائض وهي العشر ركعات والوتر ليس منها لأنه عبادة مستقلة، ولهذا لا ينوي به سنة العشاء، وعن الرواية الثانية أن المراد بالدنيا وما فيها من الأعراض الدنيوية دون العبادات فلا يلزم تفضيله على الوتر ويدل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم" (٢) فالمراد تفضيله على ذلك لأعلى العبادات (٣).

فإن قيل: فلا خصوصية حينئذ للفجر لأن كل عبادة كذلك بل التسبيحة الواحدة خير من الدنيا وما فيها لبقاء ثوابها في الآخرة وذهاب الدنيا وانقراضها، فالجواب: أن ركعتي الفجر إنما خصت بالذكر والتفضيل لمعنى وهو أن الناس في أول النوع غالبا ينتشرون في طلب الدنيا ويسعون في معايشهم وكثير منهم يشتغل عن الصلاة وبعضهم يصلي الصبح ويدع الفجر مخافة أن يفوته الكثير فخوطب هؤلاء بأن الذي تركوه من ركعتي الفجر خير لهم من الدنيا وما فيها ومن المعلوم أن أحدا من هؤلاء لا يحصل له جميع


(١) سورة السجدة، الآية: ١٦.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤١١٢) والترمذي (٢٣٢٢) عن أبي هريرة. وحسنه الألباني في الصحيحة (٢٧٩٧) وصحيح الترغيب (٧٤) و (٣٢٤٤).
(٣) انظر العدة (١/ ٣٦٨)، ورياض الأفهام (١/ ٦٥٧ - ٦٥٨)، والإعلام (٢/ ٤١٣ - ٤١٨).