للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نفسه، وتصرفه في كلّ أموره مع ما زال عنه من عقد الشيطان وتثبيطه، قال الإمام أبو عبد اللّه القرطبي (١): نشيطا لما يرد عليه من العبادات لكونه ألَّفها.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" معناه: لما عليه من عقد الشيطان وآثار تثبيطه واستيلائه مع أنه لم يزل ذلك عنه (٢)؛ وقوله أيضًا: "خبيث النفس" أي: بشؤم تفريطه وبإتمام خديعة الشيطان عليه إذ قد حمله على أن فاته الحظ الأوفر من قيام الليل (٣)، فعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقل أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست نفسي" أخرجاه (٤)، و (خبثت) بضم الموحّدة، وإنما كره (خبثت) هربا من لفظ (الخبث) فهذا من الأدب في العبادة أن يتجنب ما فيه بشاعة أو كراهة أو شر ويختار ما فيه عذوبة وتفاؤل، ولهذا استحسنوا الأسماء الحسنة وكرهوا الأسماء السيئة وكنوا عن أمور كالغائط عن المحدّث وأشباهه (٥)، فإن قيل: فقد قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الذي ينام عن [الصلاة] فأصبح خبيث النفس كسلان؛ فجوابه: عن ذلك خبر عن صفة غيره وعن شخص مبهم أمذموم، الحلال فلا يمنع إطلاق هذا اللفظ عليه (٦) واللّه أعلم، أ. هـ، قاله في شرح الإلمام، وكسلان أي متثاقل عن


(١) المفهم (٧/ ٤٣).
(٢) شرح مسلم (٦/ ٦٧).
(٣) المفهم (٧/ ٤٣).
(٤) البخاري (٦١٧٩)، ومسلم (١٦ - ٢٢٥٠).
(٥) كشف المشكل (٢/ ١١)، والميسر (٣/ ١٠٤٣)، وشرح النووي على مسلم (١٥/ ٨) والأذكار (ص ٣٥٧).
(٦) شرح مسلم (١٥/ ٨).