للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللّه المحرم" سيأتي الكلام على هذا الحديث صوم شهر اللّه المحرم في بابه [بياض بالأصل] أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل، فيه دليل لما اتفق العُلماء عليه أن تطوع الليل أفضل من تطوع النهار لكن أوسطه أي الليل أفضل، هذا إذا قسمه أثلاثا [لشمول] الغفلة فيه وثقل العبادة حينئذ وأفضل منه السدس الرابع والخامس ثم آخره أي [نصفا أو ثلثا] أفضل من أوله [ثم آخره أي: نصفا أو ثلثا أفضل من أوله؛ لأن اللّه] تعالى حث [على الاستغفار] بالأسحار وهو محل الرحمة والمغفرة أ. هـ قاله الكمال الدميري (١)، وفيه حجة لأبي إسحاق المروزي من أصحابنا ومن وافقه أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة، وقال أكثر أصحابنا الرواتب أفضل لأنها تشبه الفرائض والأولى أقوى وأوفق للحديث (٢) واللّه أعلم، وتقدم ذلك، وقد ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صلاة الليل كلّه، أما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل كلّه فهو على إطلاقه وغير مختصر به بل قال أصحابنا يكره صلاة كلّ الليل دائما لكل واحد، وفرقوا بينه وبين صوم الدهر في حق من لا يتضرر به ولا يفوت حقا بأن صلاة الليل كلّه لابد فيها من الإضرار بنفسه وتفويت بعض الحقوق لأنه إن لم ينم بالنهار فهو ضرر ظاهر وغن نام نوما ينجبر به سهره فوت بعض الحقوق بخلاف من لا يصلي بعض الليل فإنه يستغني بنوم باقيه وإن نام معه شيئًا في النهار كان يسيرا لا يفوت حق، وكذا من قام ليلة كاملة كليلة العيد أو غيرها لا دائما لا كراهة فيه لعدم


(١) النجم الوهاج (٢/ ٣١٤).
(٢) شرح النووي على مسلم (٨/ ٥٥).