للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عباس بعد ابن مسعود خمسًا وثلاثين سنة، تشد إليه الرحال ويقصد من جميع الأقطار، ومشهور في الصحيحين تعظيم عمر بن الخطاب لابن عباس واعتداده به وتقديمه مع حداثة سنه، وعاش بعده ابن عباس نحو سبع وأربعين سنة يقصد ويستفتى ويعتمد، وهو آخر العبادلة الأربعة الذين تقدم ذكرهم، وكان ابن عباس أحد الستة من الصحابة الذين هم أكثرهم رواية عن رسول الله، وهم: أبو هريرة، ثم ابن عمر، ثم جابر، ثم ابن عباس، ثم أنس بن مالك، ثم عائشة رضي الله عنها، وتقدم ذكرهم أيضًا في ترجمة عبد الله بن عمر أول الباب؛ قال النووي: روينا عن الإمام أحمد بن حنبل قال: ستة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثروا الرواية عنه وعُمِرُوا فذكرهم، روى ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف حديث وستمائة حديث وستين حديثا، اتفق البخاري ومسلم منها على خمسة وتسعين حديثا، وانفرد البخاري بثمانية وعشرين حديثا، ومسلم بتسعة وأربعين حديثًا، ولد ابن عباس - رضي الله عنه - عام الشعب وهو قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: ابن خمس عشرة سنة، ورجحه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، وقيل: غير ذلك، وكان ابن عباس قد عمي في آخر عمره، وفي ذلك يقول:

إِنْ يَأْخُذِ اللهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُورَهُمَا ... فَفي لِساني وَقَلبي مِنهُما نورُ

قَلْبِي ذَكِيٌّ وَعَقْلِي غَيْرُ ذِي دَخَلٍ ... وَلي فَمٌ صَارِمٌ كالسَّيْفِ مَأْثُورُ (١)

وتوفي ابن عباس بالطائف سنة ثمان وستين من الهجرة في أيام عبد الله بن


(١) المجالسة (١٨٥٢).