للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعنى قوله: (كان لليهود يوم السبت) أي: كان عندهم يوم السبت وللنصارى الأحد، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الأحكام (١) في قوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} (٢) أي: في تعظيمه، وَرُوِيَ أَنَّ مُوسَى قَالَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ: تَفَرَّغُوا إلَى اللّهِ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ تَعْبُدُونَهُ، وَلَا تَعْمَلُونَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا؛ فَاخْتَارُوا يَوْمَ السَّبْتِ، فَأَمَرَهُمْ مُوسَى بِالْجُمُعَةِ، فَأَبَوْا إلَّا السَّبْتَ، فَجَعَلَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ.

رُوِيَ أَنَّ عِيسَى أَمَرَ النَّصَارَى أَنْ يَتَّخِذُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا، فَقَالُوا: لَا يَكُونُ عِيدُنَا إلَّا بَعْدَ عِيدِ الْيَهُودِ، فَجَعَلُوهُ الْأَحَدَ، وقالت اليهود يوم السبت أفضل الأيام؛ لأن اللّه سبحانه وتعالى فرغ من الخلق يوم الجمعة فهو يوم الراحة، وقالت النصارى أفضلها يوم الأحد، لأن اللّه سبحانه وتعالى ابتدأ فيه خلق الأشياء فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أنَهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللّهُ لَهُ (٣) " وهذا يدل على أن كل فريق منهما عرض عليه يوم الجمعة، فاختار كل واحد ما ظهر له، وَاخْتَارَ اللهُ لَنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقِبَلِنَا خِيرَةَ رَبِّنَا لَنَا، وَعَرَفْنَا مِقْدَارَ فَضْلِهِ أ. هـ.


(١) أحكام القرآن (٣/ ١٦٨).
(٢) سورة النحل، الآية: ١٢٤.
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٢٤) و (٧٠٣٦)، ومسلم (٨٥٥) (٢١)، وأبو عوانة (٤/ ٤٤٥)، وابن حبان (٢٧٨٤)، والبيهقي (٣/ ١٧١)، والبغوي (١٠٤٥) عن أبي هريرة واقتصر البخاري وأبو عوانة على أوله.