للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي اللُّغَةِ وحجة مالك أن التبكير لا يكون إلا بعد الزوال لأنه مقابل للغدو وأنكر مالك التبكير إليها من أول النهار، وقال لم ندرك عليه أهل المدينة (١)، ومذهب أحمد وأبي حنيفة والشافعي وجماهير أصحابه وابن حبيب المالكي وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها أول النهار والساعات عندهم من أول النهار، والرواح يكون أول النهار وأخره، يقال: راح القوم وتروحوا إذا ساروا أي وقت كان، وقال الأزهري (٢): لغة العرب أن الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو في الليل وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث، والمعنى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الملائكة تكتب من جاء في الساعة الأولى وهو كالمهدي بدنة ثم من جاء في الساعة الثانية كالمهدي بقرة ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة، هذا المذكور من أن الساعات الخمس هو المشهور في كتب الحديث، وفي رواية النسائي (٣) ست ساعات فإذا خرج الإمام طووا الصحف ولم يكتبوا بعد ذلك أحداٍ، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إلى الجمعة متصلا بالزوال وهو بعد انقضاء الساعة السادسة، فدل على أنه لا شئ من الهُدى ولا من الفضيلة لمن جاء بعد الزوال، ولأن ذكر الساعات إنما كان للحث على التبكير إليها والترغيب في فضل السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال لأن النداء


(١) إعلام الساجد (ص ٣٥٨ - ٣٥٩).
(٢) ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (١/ ٣٦٨).
(٣) سنن النسائي (١٣٨٨) والحديث متفق عليه في البخاري (٨٨١)، ومسلم (٨٥٠).