قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا" الحديث مصداقة قوله تعالى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} والمراد به الخلف في الدنيا بدليل قوله تعالى {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنصروا" أي تُعانوا. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واعلموا أن الله افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة" الحديث. فهذا الحديث دليل على أن الجمعة فرض عين كما تقدم وقيل هي فرض كفاية أخذا من قول الشافعي من وجب عليه حضور الجمعة وجب عليه حضور العيدين، والعيدان فرض كفاية فكذلك الجمعة ولهذا قيل أنه قول الشافعي وهو غلط قال في البحر (١): تبعا لأبي إسحاق لا تجوز حكايته عن الشافعي ولا يختلف المذهب أنها فرض عين.
فائدة:"أول جمعة أقيمت بالمدينة قبل الهجرة حين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير أميرًا عليه، فنزل على أسعد بن زرارة فأمر الجمعة فصلاها أسعد بالناس في حي بين بياضة" فهي أول جمعة في الإسلام ولم تقم بمكة لأنه لم يكمل فيها عددها أو لأن شعارها الإظهار وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا قال الماوردي: ويجوز أنها لم تكن فرضت لأن جابرا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول على منبره في المدينة "أَن الله افْترض عَلَيْكُم الْجُمُعَة فِي مقَامي هَذَا فِي يومي هَذَا فِي شَهْري هَذَا في ساعتي هذه" قال الماوردي: فهي أفضل الصلوات ذكره في مختصر الكفاية.
(١) ينظر: المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (١/ ٢٠٥).