للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون قصده التبرد وقد يكون قصده الوضوء فالمميز النية، والاعتكاف عمل فإذا جلس الإنسان في مسجد فقد يكون مقصوده الاستراحة وقد يكون مقصوده الاعتكاف، فالمميز النية كما تقدم، والصلاة عمل فإذا نوى أن يصلي أربع ركعات فقد يكون يقصد بها الظهر وقد يقصد إيقاعها عن العصر فالمميز هو النية، وكذلك العتق قد يقصد به عن كفارة الظهار وقد يقصد به لغيرها فالمميز هو النية وإلى هذا المعنى أشار - صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" (١) وكلمة الله أي دعوته إلى الإسلام، وفي هذا الحديث دليل على أن العمل لا يصح إلا بالنية وأنه لا يصح في صورتين الأولى أن يكون بغير نية، والثانية أن يكون لا بنية التقرب فلا يصح، والنية محلها القلب فإن اقتصر على القلب ولم يلفظ بلسانه جاز. ويندب التلفظ بالمنوي، وقال الزبيري: يجب أن يساعد القلب اللسان ولو نوى التبرد ويغلبه رفع الحدث أو بالعكس فالاعتبار بما في القلب بلا خلاف، قاله الكمال الدميري (٢).

تنبيه: أما إزالة النجاسة فالمشهور عند الشافعية أنها لا تفتقر إلى نية لأنها من باب التروك والتروك لا يحتاج إلى نية، وقد نقلوا الإجماع فيها وشذ


(١) انظر شرح النووي على الأربعين (ص ١١ - ١٢)، والحديث أخرجه البخاري رقم (١٢٣)، ومسلم رقم (١٩٠٤).
(٢) النجم الوهاج (١/ ٣١٣).