للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المضاف نحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (١) أي: أهل القرية، قال العلماء: فائدة ذكره بعد إنما الأعمال بالنيات بيان أن تعيين المنوي شرط، فلو كان على إنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهرًا أو عصرًا أو غير ذلك من الصلوات، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين لأوهم ذلك، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإنما لكل امرئ ما نوى" دليل على أنه لا تجوز النية نيابة في العبادات ولا التوكيل في النية، وقد استثنى من ذلك تفرقة الزكاة وذبح الأضحية فيجوز التوكيل في النية والتفرقة والذبح مع القدرة، وفي الحج يجوز ذلك مع عدم القدرة ودفع الدين إن كان ذلك عن جهة واحدة لم يحتج إلى نية، وإن كان عن جهتين كمن عليه ألفان بأحدهما رهن فأدى ألفا، وقال: جعلته عن ألف الرهن صُدّق، فإن لم ينو شيئا حالة الدفع نوى بعد ذلك وجعله عما شاء وليس لنا نية تتأخر عن العمل وتصح إلا في هذه المسألة، وتقدم الكلام على معنى ذلك، والله أعلم.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله" الحديث، وأصل الهجرة: المجافاة والترك (٢)، والمراد هنا: ترك الوطن ومفارقة الأهل (٣) وهي في الشريعة مفارقة بلد الشرك والانتقال منه إلى دار


(١) سورة يوسف، الآية: ٨٢.
(٢) شرح النووي على الأربعين (ص ١٢).
(٣) الكواكب الدراري (١/ ١٨).