ولهذا أعظم ما يوعظ به ويوجه به الناس ويدعوا هو كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بعد كلام رب العالمين تعالى وتقدس وقد عرف ذلك العلماء.
وإذا كان حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشتمل على كلمات غريبة وأمور عامة وكلمات جامعة وكل ذلك يحتاج إلى إيضاح وتبيين فهذا الكتاب الذي هو "فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب" وضعه مؤلفه لذلك فقد أفاد وأجاد، وبذل جهدًا كبيرًا في شرحه، وطالع على ذلك كتبًا كثيرة وظهر ذلك جليًّا لمن نظر فيه، ولذلك يقول:"فجمعت عليه فوائد جمة لا يقدر على تحصيلها إلا من عنده عزيمة وذكاء وهمة، ولا أقصد بذلك التبجح والإشاعة، وإنما أقصد النفع والثواب".
وذكر أنه طالع عليه كتبًا كثيرةً، فهو جمع شرحه من كتب كثيرة بعضها مفقود أو في حكمه، وبعضها مخطوط وكثير منها مطبوع، ولا شك أن استخراج الفوائد والمسائل من الكتب له قيمة وفيه جهد كبير، مع أن هذا الشرح يعتبر الشرح الوحيد المستوعب لكتاب "الترغيب والترهيب" للمنذري رحمه الله تعالى والعبرة بالمعاني لا بكثرة الكلام، فالشارح جمع همته عليه وأمضى وقته فيه وكرر قراءته ونقحه فجاء مرضيًا مقيدًا، وكثرة النقول لا تضيره.
وما زال العلماء ينقل بعضهم عن بعض، ويرون كتب العلم مشاع لكل أحد وحسن النقل يدل على الفهم وحسن الاختيار، ومؤلف هذا الشرح نقوله بهذه الصفة مع أنه إذا نقل ذكر المنقول عنه وأحال إليه غالبًا.