استقرار، ويسمى هذا (همًا)، ويفرق بين الهم والعزم، وهذا مذهب القاضي أبي الطيب وطائفة كبيرة من الفقهاء والمحدثين، وأخذوا بظاهر الحديث، قال القاضي عياض رحمه الله: عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على ما ذهب إليه القاضي أبو بكر للأحاديث الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب، قال الله تعالى:{بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}(١) أي: عزمت عليه قلوبكم وقصدتموه إذ كسب القلب عزمه ونيته، وفي الآية دليل لما عليه الجمهور أن أفعال القلوب إذا استقرت يؤاخذ بها لكنهم قالوا: إن هذا العزم يكتب سيئة، وليست السيئة التي هم بها لكونه لم يعملها، وقطعه عنها قاطع غير خوف الله تعالى والإنابة لكن نفس الإصرار والعزم معصيةً فتكتب معصية، فإذا عملها كتبت معصية ثانية، فإن تركها عبدي بأن عمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها الحديث.
[فإن تركها خشية الله تعالى كتبت حسنة كما جاء في الحديث:"إنما تركها من جرائي" فصار تركه لها لخوف الله تعالى ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك، وعصيانه هواه حسنة، فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية وعزم، وذكر بعض المتكلمين خلافا فيما إذا تركها لغير خوف الله تعالى بل لخوف الناس، هل يكتب حسنة؟ قال: لا، لأنه إنما حمله على تركها الحياء، وهذا ضعيف لا وجه له، هذا آخر كلام القاضي، وهو ظاهر حسن ولا مزيد عليه، وقد تظاهرت