للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والصيام جنة" قد ضبطه الحافظ (١): الجنة وفسرها فقال الجنة ما يجنك أي يسترك ويقيك مما تخاف، وقال: معنى الحديث أن الصوم يستر صاحبه ويحفظه من الوقوع في المعاصي وقال في شرح المشارق: الجنة الترس مأخوذ من الجن وهو الستر جعل الصيام جنة لأنه يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان فإن الشبع مجلبة للآثام منقصة للإيمان، لهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه" (٢) فإن من امتلأ بطنه انتكست بصيرته وتشوشت فكرته لما يستولي على معادن إدراكه من الأبخرة المتصاعدة من معدته إلى دماغة فلا يتأتي له نظر صحيح ولعله يقع في مداحض فيزيغ عن الحق كما أشار إليه صلوات الله عليه في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشبعوا فتطفئوا أنوار المعرفة من قلوبكم" (٣) كذا في شرح القاضي البيضاوي (٤)، وذكر في جمل الغرائب: الصوم جنة أي من النار أو من المعاصي لكسر الشهوة أو جنة عن اللغو والغيبة فالصائم يجتن بصومه عنهما والجنة جمع جنن (٥).


(١) أي المنذري.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٣٣٤٩)، والترمذي (٢٣٨٠) وابن حبان (٦٧٤) و (٥٢٣٦) عن المقدام بن معدى كرب. وصححه الألباني في الإرواء (١٩٨٣)، الصحيحة (٢٢٦٥).
(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١٩/ ٤٤٧) من طريق عمرو بن عمر عن إسحاق بن نوح عن مكحول عن أبي هريرة. وإسناده واه جدًا.
(٤) تحفة الأبرار (١/ ٦٧ - ٦٨).
(٥) جمل الغرائب (ص ٤١٣).