للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعلم أن العمل لغير الله أقسام تارة يكون رياء محضا بحيث لا يراد به سوى مراءات المخلوقين لغير أمر دنيوي كحال المنافقين في صلاتهم فقال الله تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (١) الآية، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)} (٢) الآية، ولذلك وصف الله تعالى الكفار بالرياء في قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} (٣) الآية، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة الواجبة والحج وغيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي تتعدى نفعها فإن الإخلاص فيها عزيز وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت من الله تعالى والعقوبة وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه أيضا، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يقول الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك" (٤) وغيره من الأحاديث (٥)، وقوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (٦) الآية، وممن روي عنه هذا المعنى وأن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلا طائفة من السلف


(١) سورة النساء، الآية: ١٤٢.
(٢) سورة الماعون، الآية: ٤.
(٣) سورة الأنفال، الآية: ٤٧.
(٤) أخرجه مسلم رقم (٢٩٨٥).
(٥) جامع العلوم والحكم (١/ ٧٩ - ٨٠).
(٦) سورة الكهف، الآية: ١١٠.