للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله: عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم" قال بعضهم: إذا كان هذا فعل الخطايا في الحجارة فكيف في القلوب (١)، وفي كامل ابن عدي (٢) عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الحجر الأسود من ياقوت الجنة فمسحة المشركون فاسود من مسحهم" فقوله "نزل الحجر الأسود من الجنة" قال بعضهم: يحتمل أن يحمل الحديث على ظاهره ويحتمل أن يؤول على ما يستقيم عليه المعنى من باب الاتساع، ومن المعلوم أن الجنة وما احتوت عليه من الجواهر خلقت خلقا غير قابل للزوال والفناء وهي مباينة لما خلق في هذه الدار الفانية التي هي في حكم الزوال والفناء، وقد كسر الحجر الأسود وذلك من أقوى أسباب الزوال وتأويله أن الحجر الأسود لما فيه من الشرف والكرامة وما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنما نزل منها وأن خطايا بني آدم [تكاد تؤثر في الجماد] فتجعل المبيض مسودا فكيف [بقلوبكم أو لأنه من حيث إنه مكفر للخطايا محاء للذنوب، لما روي عن ابن عمر: أنه كان يزاحم على الركنين، وقال: سمعت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن مسحهما كفارة للخطايا" (٣) كأنه من الجنة، ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم صار كأنه ذا بياض شديد، فسودته الخطايا،


(١) تحفة الأبرار (٢/ ١٤٧)، وكشف المناهج (٢/ ٣٨٣)، والإعلام (٦/ ١٩٦).
(٢) الكامل في ضعفاء الرجال (٤/ ٤٣٩).
(٣) أخرجه الترمذي (٩٥٩) واللفظ له، والنسائي في المجتبى ٥/ ٢١٥ (٢٩٤١)، وابن خزيمة (٢٧٢٩ و ٢٧٣٠ و ٢٧٥٣)، وابن حبان (٣٦٩٨). وصححة الألباني.