ولما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة نزل على أبي أيوب فبركت الناقة على باب مسجده وهو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني مالك بن النجار في حجر معاذ بن عفراء سهل وسهيل ابني عمرو، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المربد لمن هو؟ فقال له معاذ بن عفراء يا رسول الله لسهل وسهيل ابنى عمرو وهما يتيمان لي وسأرضيهما منه فاتخذه مسجدا فبناه النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمل فيه بيده ليرغب الناس في العمل فعمل فيه المهاجرون والأنصار فبناه النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعل عضادتيه الحجارة وسواريه جذوع النخل وسقفه بالجريد بعد أن نبش قبور المشركين وسواها وقطع النخل فلما استخلف أبو بكر لم يحدث في المسجد شيئا ثم لما كان عمر زاد فيه دار العباس وغيرها فلما كان عُثْمَانَ بَنَاهُ فِي خِلافَتِهِ بِالْحِجَارَةِ وَالْغُصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ حِجَارَةً وَسَقْفَهُ بِالسلاج، وَزَادَ فِيهِ، وَنَقَلَ إِلَيْهِ الْحَصْبَاءَ مِنَ الْعَقِيقِ. ثم لم يزل كذلك إِلَى أَنْ وَلِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بَعْدَ أَبِيهِ، فَكتب إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ يَأْمُرُهُ بِهَدْمِ الْمَسْجِدِ وَبِنَائِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِمَالٍ وَفُسَيْفِسَاءَ وَرُخَامٍ، وَبِثَمَانِينَ صَانِعًا مِنَ الرُّوم وَالْقِبْطِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ، فَبَنَاهُ وَزَادَ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَيُقَالُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، ثُمَّ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْخُلَفَاءِ شَيْئًا حَتَى اسْتُخْلِفَ الْمَهْدِيُّ. فأرسل إليه عمالا عملوا فيه سنة وزاد في مؤخره مائة ذراع وعرضه مائتي ذراع وتم بناؤه فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ (١) أ. هـ قاله في الديباجة.