للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن أو بمعنى الواو لورود الرواية أيضا بالواو فالتأويل أن يقال: إنه أشار إلى اختصاص أهل المدينة بالجمع بين الفضيلتين الشهادة والشفاعة كذا في الميسر (١)، وقال ابن عقيل في شرح الأحكام والمراد به أن يكون شاهدا لأهل الطاعة شفيعا لأهل المعصية (٢).

فإن قيل: شفاعته عامة في العصاة فما وجه اختصاص أهل المدينة بذلك؟

قلنا: يجوز أن يكون وجه اختصاصهم حمايتهم من دخول النار بالكلية بخلاف غيرهم فإنهم يعذبون ثم يخرجون بالشفاعة أ. هـ.

قال القاضي عياض (٣) رحمه الله تعالى: سُئِلْتُ قَدِيمًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَ خُصَّ سَاكِنُ الْمَدِينَةِ بِالشَّفَاعَةِ هُنَا مَعَ عُمُومِ شَفَاعَتِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَادِّخَارِهِ إِيَّاهَا؟ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابٍ شَافٍ مُقْنِعٍ فِي أَوْرَاقٍ اعْتَرَفَ بِصَوَابِهِ كُلُّ وَاقِفٍ عَلَيْهِ، قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا "أَوْ" هُنَا لِلشَّكِّ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلشَّكِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ جَابِرٌ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وجماعة كثيرة من الصحابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا اللفظ وَيَبْعُدُ اتِّفَاقُ جَمِيعِهِمْ أَوْ رُوَاتِهِمْ عَلَى الشَّكِّ وَيُطَابِقُهُمْ فِيهِ عَلَى صيغَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَهُ هَكَذَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ هَكَذَا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ "أَوْ" لِلتَّقْسِيمِ وَيَكُونُ شَهِيدًا لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ


(١) الميسر (٢/ ٦٤٥ - ٦٤٦).
(٢) انظر: شرح النووي على مسلم (٩/ ١٣٦)، وحدائق الأزهار (لوحة ١٦٩/ خ ٨٧٧٨١ كتبخانة) للأرزنجانى.
(٣) إكمال المعلم (٤/ ٤٨٢ - ٤٨٣).