للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "خير من الدنيا وما عليها" اختلف العلماء في هذا الحديث وفي أمثاله فقيل إنه على ظاهره، وقيل: معناه أن هذه الطاعة خير من الدنيا وما عليها لو قدر أن يملكها إنسان وينفقها في طاعة الله تعالى، قاله القاضي عياض (١) والشيخ محب الدين الطبري في فضائل العشرة وغيرهما ورجحه جماعة لأن الدنيا وما عليها لا تزن عند الله جناح بعوضة فكيف تقاس بشيء من الأجر الموجب للجنة التي لا قيمة لأقل جزء منها ولو قدر استواؤهما في القيامة وهو محال لكان العقل بالضرورة يقطع أن ذرة مما يبقى أبدا خير من ملئ الأرض مما يفني، فالتفاضل بينهما إذًا عارٍ عن الفائدة إلا أن يراد مقابلة الأجر الباقي بالأجر الفانى [وهو ما قاله القاضي عياض (٢) ومحب الدين الطبري وما ذكره كان ترجيح له وإيضاح]، وقال بعضهم هو من باب تنزيل المغيب منزلة المحسوس المحقق تحقيقا له وتثبيتا في النفوس فإن ملك الدنيا ونعيمها ولذاتها محسوسة مستعظمة في طباع النفوس محقق عندها أن ثواب اليوم الواحد في الرباط وهو من المغيبات خير من المحسوسات التي عهدتموها من لذات الدنيا (٣)، قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد (٤): وهذا


= وحب التزيد والتفهيم، وهذا هو أن يجازى العبد على حسنة بازدياد حسنة وبعلم يقتدح من علم متقدم.
(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٣٠٠).
(٢) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٣٠٠) وشرح النووي على مسلم (١٣/ ٢٧).
(٣) إحكام الأحكام (٢/ ٣٠١).
(٤) إحكام الأحكام (٢/ ٣٠٢).